الفنانة التشكيلية نادية محمد ياس
س / حديث عن البدايات
ج /
يبدو إن المواهب بصورة عامة لها علاقة بالوراثة نوعا ما فكون الوالد فنان ومفتون بالرؤى خلق الموهبة عند عدد من بناته ربما سيكون تكرار الحديث لعدة أشخاص من نفس العائلة بأن هنالك موهبة معينة منذ الصغر أمر فيه نوع من المبالغة بعض الشيء ولكن هذا هو الواقع فقد كانت لي ميول منذ طفولتي أي قبل دخولي المدرسة وقد كان والدي يشجعني بهذا المجال كثيرا حيث كان يأخذ رسوماتي ويريها إلى أصدقائه الفنانين واذكر دوما” أنهم كانوا يعجبون بها كثيرا” ويتوقعون لي مستقبل جيد في هذا المجال ولكن بعد دخولي المدرسة وخصوصا” بعد المرحلة الابتدائية كان كل اهتمامي يتمركز على دروسي والسبيل إلى تفوقي ونجاحي فلم يكن للرسم وقت عندي ولكن دروس الفنية والرسم كنت عندما يطلب مني ذلك أقدم إعمال تعجب مدرساتي كثيرا وعندما أنهيت دراستي المتوسطة بدأت موهبتي الفنية تستعيد نفسها ووجت نفسي استغل أوقات فراغي حيث أجد نفسي ارسم واخطط إلى إن دخلت الأكاديمية قسم التشكيلي فرع الرسم كنت خلال دراستي وتطلعاتي إلى الكتب والمجلات الفنية اتاحت لي إن أتأمل كثيرا” وأغوص أكثر وأكثر في محاولة لإدراك أهميتي واستيعابي اكبر قدر ممكن فخلال دراستي في الكلية واصلت في استمرارانجاز بعض الأعمال ومن خلال جهدي في مواصلة مجال الفن وبفوزي بالجائزة الأولى لمهرجان الو اسطي في المرحلة الثالثة من دراستي الأكاديمية وقد أنجزت إعمال كثيرة وأنا طالبة في أكاديمية الفنون الجميلة وانا لاازال أتلمس الطريق في أطوار التكوين الأولى حيث شاركت في عدة مهرجانات ومعارض داخل القطر وخارجه وأنا اعتبرها محطات هامة وحاسمة في تاريخي الفني وكل محطة لها طابعها وطعمها الخاص
س / كيف تم التدرج والتربية في استلهام الفن ؟ هل كان التعليم من قبل الوالد مفروظا” أم إن الأمر كان يأتي بما ترغب في نفس الفنان
ج منذ صغري كنت اجلس بجانب والدي وانظر إلى حركة فرشاته وهي تتحرك على القماش بكل حرية وكنت اسأل نفسي كيف تصوغ هذه الفرشاة المعاني الإنسانية للفنان في لوحته وكنت أراقب من قرب اوبعد وكنت أعيش في اللوحة التي يرسمها والدي وادخل في دوامة قصصية وانسج الأحلام والأفكار تتموج في عقلي وقلبي بين مد وجزر واغرق في التفكير طويلا” إلا إن ينبهني والدي على أمر معين اوشيء ما
ووالدي المرحوم الفنان التشكيلي الرائد محمد ياس اعتبره مثلي الأعلى في احترام الفن ووالدي اعتبره قدوة لي استفيد من تجاربه الفنية حيث له الأثر الكبير في نفسي بما لاقيته من تشجيع حيث كان لرأيه السديد وتوجيهاته الخاصة والدور الكبير للوصول إلى ما أنا عليه ألان فوالدي لم يفرض علينا أي شيء وكان يترك لنا حرية الاختيار ليس على المجال والصعيد الفني بل في كل الأمور وكان يقدم لنا النصح والإرشاد حيث كان لنا وما يزال الملكة الفكرية التي نستلهم منها الأفكار والقيم
س / المرآة وعلاقتها بالألوان كيف تتعاملين مع اللون
ج / المرآة بطبيعتها ثورية قد يكون هذا رأي لكن هنالك موجة من الانفعالات والأحاسيس تنتابني عندما ارسم وأحاول إن أجسد مشاعري في اللوحة من خلال عناصر اللوحة وبالتأكيد اختيار الألوان بالنسبة لي يعتمد على ما أحس به واشعر لحظة التفكير في الموضوع الذي ارسمه أي إن اللون الذي اختاره وأتعامل به لحظة التفكير في موضوع اللوحة التي سوف ارسمها واني ميالة بطبعي إلى الالون الثورية والتي تؤكد بان الإنسان العراقي مازال موجود على ارض الواقع بالرغم من الظروف الصعبة التي تواجهه ولهذا أحاول إن أتعامل بكل دقة إلى الألوان المشرقة والألوان التي تعبر عن التفاؤل ولهذا الواني تؤكد بان هنالك أمل جديد وحياة جديدة اخرى اللون عنصر مهم بالنسبة لي في شرح موضوع فكرتي التي تميل إلى إن المتلقي هو الذي يشرح وليس الفنان ولهذا اللون الذي اختاره يدخله في حزمة من التساؤلات والأفكار
س / يبدو انك تستلهمين أفكارك من نصوص أبداعية : كيف يتم الاختيار في ذلك
ج /أني مؤمنة بان أي عمل فني أصيل وصادق لا يحدث الانتيجة صدمة شعورية ومن مجموع تلك الصدمات والصدف يتكون الجزء الأساسي في تجربة الفنان وأسلوبه وشخصيته الفنية ولهذا أي لحظة معينة تسبب لي حالة انتقال من ووضع شعوري حالي إلى وضع أخر أحاول إن أعيش هذه اللحظة واستلهم الحالة الإبداعية التي تفرزها سواء كانت هذه اللحظة مشهد قصصي مؤثر أو نص إبداعي رائع أو مشهد حياتي أو حدث سياسي معين اثروا في نفسي كل التأثير اوغيرها من المسببات الإبداعية التي تحفز الفنان لان ينطلق بأفكاره وفرشاته ليكسر كل القيود والعراقيل لهذا أنا أشبه الفنان التشكيلي بالمفكر الإنساني والقصصي فهو يتعامل بكلماته والفنان التشكيلي يتعامل بفرشاته ولهذا دوما أؤكد باني قد أحيا لحظة معينة لكن دوما” كنت اسأل نفسي عن حصاد هذه اللحظة هل هنالك شيء ما بالتأكيد هنالك الجانب الإبداعي والفكري والحياتي من الاستفادة من اللحظات التي نعيشها ولهذا علينا إن نستفيد من جميع لحظات حياتنا ولا نفرط بها هذا الأمر ليس ولعا” بالحياة بل ببناء صرح حضاري لأبنائنا في المستقبل ليكون حاظرنا مصدر إشعاع لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا كما كان ماضينا مشرفا” ومبدعا” لنا
س / لماذا المعطف الذي سيطر على أفكار لوحات كثيرة لديك وهل فعلا” يمكنك من خلال هذه الفكرة طرح علاقة المرآة بالرجل
ج / المعطف أو الرداء هو أسلوبي والبصمة أو التوقيع الذي يميز عملي الفني ويميزه عن بقية الفنانين هو أسلوبي الخاص والذي انفرد به ورؤيتي الخاصة في العمل الفني أسلوبي أسلوب فكري يعتمد على الرداء والظل ومن خلاله أجسد العلاقة الأزلية بين الرجل والمرآة وانتقل عبر الزمن واستعرض الإحداث وأجسد هذه العلاقة من خلال الرموز الفكرية والتاريخية
أحاسيسي مطوية داخل مكنونات اللوحة وكأنما قدر الإنسان إن يظل مختلفا” فلا يستطيع إن يكون عاديا” في هذا العالم والذي لا يتماشى ألامع العاديين ومن هنا تستطيع إن تفهم إعمالي الأكثر تدفقا” في التعبير عن الانكسارات النفسية وعن النظرة التي انظر بها إلى الكائن وكأنه قطعة من القماش يمكن إن يعبر عن اللوحة من خلالها انه أسلوبي الذي انتهجه في صياغة الغربة داخل ألذات وأسلوبي فلسفي فكري انفرد به وأجسد إحداثه من خلال المرآة والرجل كما قلت واعتبرهما هاجسا” في اغلب لوحاتي وأحاول إن اترك غموضا”بينهما في عالم مجهول لا يعلمه احد سواهما واجعل المتلقي يبحث في هذا الغموض بحثا” عن الحقائق الموجودة والمجردة وراء تلك الرموز والأفكار